الرعاية الصحية البائسة، والإسكان المتهالك، والإنتاج من أجل الربح، والسيطرة الإمبريالية: هذه هي طبيعة نظام الحكم الرأسمالي التي تغذي الأزمة الاقتصادية والصحية التي تعصف بالعالم منذ ظهور وباء فيروز الكوفيد. لقد استجابت البرجوازية الطفيلية للوباء بالوسائل التي تخدم مصالحها على أفضل وجه، بحبس كل سكانها بالقوة في منازلهم، في انتظار التطعيم.
إن أشكال الحَجْر والأغلاق البرجوازية هي إجراءات صحية عمومية رجعية وعلى العمال أن يعارضوها. فبينما تؤدي عمليات الإغلاق إلى إبطاء انتشار العدوى بشكل مؤقت، فأنها تضعف القدرة القتالية للطبقة العاملة. فمن خلال إغلاق فروع كاملة من الصناعة والخدمات أدت سياسات الحجْر الى أزمة اِقتصادية وألقت بجماهير من الناس في براثن البطالة. كما أدى إغلاقُ المدارس ودور رعاية الأطفال إلى زيادة العبء القمعي على الأسرة. لقد ازداد قمع الدولة بشكل كبير حيث تعرضت الحقوق الديمقراطية وحقوق الطبقة العاملة للاعتداء كما عانت التجمعات والمظاهرات وحرية التنقل والإضرابات والتنظيم النقابي والأنشطة النقابية الأخرى من التقييد أو الحظر. تهدف عمليات الإغلاق إلى منع نضال الطبقة العاملة، وهو السبيل الوحيد الذي يمكن للعمال من خلاله حماية صحتهم بشكل حقيقي ومواجهة الأسباب الاجتماعية للأزمة.
بدعوى «التضحية المشتركة»، شن الرأسماليون حربا خاطفة ضد الطبقة العاملة وأصبح تحطيم النقابات والتسريح الجماعي للعمال، وخفض الأجور وزيادة وتائر العمل هي «الوضع الطبيعي الجديد». في مواجهة التهديد المزدوج من فيروس قاتل وهجوم رأسمالي، تقف الطبقة العاملة منزوعة السلاح. في جميع أنحاء العالم، تعاون القادة المؤيدون للرأسمالية في النقابات العمالية والأحزاب العمالية، بإخلاص مع الطبقة الحاكمة في هجومها. إنهم يخونون الطبقة العاملة باِسم الوحدة الوطنية والكفاح ضد الفيروس.
وسواءٌ تعلَّق الأمرُ بحزبي العمال البريطاني والأسترالي، أو الحزب الاجتماعي الديمقراطي أو «دي لينْك» في ألمانيا، أو الحزب الشيوعي في فرنسا، أو الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، يلعب المضللون في قيادة الحركة العمالية دورًا رئيسيًا في فرض الإغلاق، على المستويين المَحلي والقومي وإقناع العمال والمُضطَهَدين بقبول ذلك. من نقابات « إ.أف. أل ـ سي.أي. أو» الأمريكية إلى النقابات العمالية المكسيكية والإيطالية إلى اتحادات رينغو وزينرورين وزينروكيو اليابانية، يحث قادة النقابات أعضاءهم على دعم تدابير البرجوازيين. وبمعنى آخر: اِبقوا في بيوتكم وأخسروا.
تفرض الحاجة الملحة للدفاع عن صحة الطبقة العاملة وسبل عيشها، وبشكل مباشر، مهمة صهر قيادة جديدة للحركة العمالية. وعلى النقابات أن تناضل ضد غلق الصناعات من طرف الدولة الرأسمالية ومن أجل ظروف عمل آمنة تماماً. إن البنية التحتية المتهالكة للرعاية الصحية والإسكان تحتاج إلى إعادة بناء وتوسيع نطاقها على الفور. إن مصادرة أفضل عقارات الرأسماليين إلى جانب برنامج مكثف للأشغال العامة أمر ضروري لتوفير ظروف معيشية لائقة للعمال.
إنَّ كلَّ المصالح الحيوية للعمال والمُضطَهَدين تتعارض مع ركائز حكم الطبقة الرأسمالية. وتطرح الأزمة الحالية بحدة الحاجة إلى تحرير المرأة من أغلال الأسرة، وإنهاء الاضطهاد العنصري والتحرر من الاستغلال الإمبريالي. ان السبيل الوحيد للمضي قدمًا للبشرية هو من خلال الثورات العمالية وإنشاء اقتصاد دولي اشتراكي مخطط.
في مواجهة الإفلاس التام لقادة الحركة العمالية الراسخين وأتباعهم الماركسيين الزائفين، فإن السؤال الحيوي الذي يطرح نفسه على البروليتاريين الواعين هو الحاجة إلى قيادة قائمة على البرنامج الثوري للتروتسكية، أي، الماركسية - اللينينية الأصيلة. إن الرابطة الشيوعية الدولية (الأممية الرابعة) تسعى إلى بناء حزب طليعي لينيني أممي، الأداة الأساسية لجلب الوعي الثوري للبروليتاريا وتحقيق سلطة العمال. لنعيد بناء الأممية الرابعة، الحزب العالمي للثورة الاِشتراكية.
يسقُط التعاون الطبقي والوحدة الوطنية
خلال العام الماضي كان موقفنا في الرابطة الشيوعية الدولية يَتمثل في قبول الحجْر والأغلاق كإجراءات ضرورية. إننا نرفض هذا الموقف. لقد كان ذلك الموقف استسلاماً لصرخة حشد «الوحدة الوطنية» التي تدعو لأنْ تُسانِد كلُّ الطبقات الحجْرَ الصِّحي لأنه ينقذ الأرواح.
ومن أجل هذه القضية التي يُدَّعى أنها عالمية، يُضَحي قادة العمال، طوعا، بمصالح البروليتاريا. ومثلما هو الحال مع كلِّ مسائل الصحة العامة، بشكل عام، فإن الكفاح ضد الوباء لا يقف فوق الصراعات الطبقية؛ فوراء اهتمام الرأسماليين بـ «إنقاذ الأرواح»، تتخفَّى مُواصَلتِهم الدفاع عن مصالح طبقتهم. إن الغرض من اهتمام البرجوازية بالصحة العامة هو الحفاظ على قوة عاملة ملائمة بما يكفي للاستغلال بأرخص تكلفة ممكنة، وفي نفس الوقت حماية صحة طبقتها. خلافا لهذا الهدف الرجعي، فإن للبروليتاريا مصلحة في تأمين أفضل الظروف المعيشية والرعاية الصحية للجميع. من الواضح أنه لا يمكن التوفيق بين هذه المصالح الطبقية المتعارضة، سواءٌ كان ذلك تحت ظروف الوباء أو غير ذلك. فقط من خلال التعبئة المستقلة ضد البرجوازية تستطيع الطبقة العاملة الدفاع عن صحتها وسلامتها
تبتز البرجوازية العمال زاعمه أن النضال من أجل مصالحهم يقود إلى انتشار المرض، وأن اجتماعات النقابات والاحتجاجات تهدد الصحة العامة؛ وتدعى البرجوازية أن عمال الرعاية الصحية يقتلون الناس حين يناضلوا من أجل ظروف عمل أفضل وأنه يجب إغلاق المدارس ومراكز الرعاية النهارية لحماية الأطفال. هذه كذبة كبرى! أن النضال ضد عمليات الإغلاق هو نقطة البداية الضرورية لمعالجة الأسباب الاجتماعية للكارثة الحالية. فاجتماعات النقابات ضرورية لتمكين العمال من الدفاع عن أنفسهم. كما أن النضال من قبل العاملين في مجال الرعاية الصحية هو الطريق إلى رعاية صحية أفضل. إن الكفاح ضد إغلاق المدارس ودور الرعاية هو شرط مسبق لتحسين المدارس ودور رعاية الأطفال كما انه يعزز النضال من أجل تحرير النساء.
في كتاب» اِحتضار الرأسمالية ومَهام الأممية الرابعة» الصادر في عام 1938 كتب القائد البلشفي ليون تروتسكي قائلا:
« في مجتمع مبني على الاِستغلال، تتمثل الأخلاق الأسمى في أخلاق الثورة الاشتراكية. وكل الأساليب والوسائل التي ترفع مستوى الوعي الطبقي للعمال، وثقتهم في قوتهم الذاتية واِستعدادهم للتضحية وإنكار الذات في وسط الكفاح، هي أساليب ووسائل صالحة. والأساليب غير المقبولة هي تلك التي تزرع الخوف والخنوع في نفوس المُضطَهِدين أمام مضطهديهم.»
تستعمل البورجوازية على الدوام دوافع أخلاقية عليا مِثل « إنقاذ حياة الناس» لتبرير جرائمها. ويستخدم الإمبرياليون الألمان والفرنسيون الإتحاد الأوروبي لاِمتصاص دماء البروليتاريا في جميع أنحاِء أوروبا باِسم « السِّلم» و «التقدم الاجتماعي». وقد دمرالاِمبرياليون الأمريكيون وحلفاؤهم في حلف شمال الأطلنطي ليبيا، والعراق، وأفغانستان وبلدان كثيرة أخرى، باِسم « الديمقراطية» و «الحريَّة». كما غزوا الصومال في عام 1992 من أجل « إغاثة الجائعين». فعندما تُصرِّح البورجوازية بشكل عاجل بأنه يجِب « إنقاذ حياة الناس»، فأن القصد من ذلك هو غرس الخضوع أمام الطبقة الحاكمة والتعبئة خلف شعار «الوحدة الوطنية» لخدمة مصالحها الخاصة.
من أجل الرقابة النقابية على الصحة والسَّلامة
الدولة الرأسمالية والتي تتكون بشكل أساسي مِن الشرطة والسجون والجيش والمَحاكِم، هي جهاز عنف منظم الهدف منه حماية هيمنة وأرباح الطبقة الحاكمة. وبينما يساند الماركسيون بعض إجراءات الصحة العامة التي تفرضها الدولة والتي تعود بالنفع على الطبقة العاملة، مثل التطعيم الإجباري، فأن الاِعتماد على الدولة لحماية الصحة والسلامة هو امر انتحاري.
لقد أصبح الستالينيون في الحزب الشيوعي اليوناني خبراء في تشويه القواعد الأبجدية للماركسية. فأحد المطالب الرئيسية التي يطرحونها في النقابات وفقا لصحيفة «ريزوسباتيس» الناطقة باسمهم، والصادرة بتاريخ الفاتح من أبريل عام 2021، هو: « المراقبة الصحية المُنظَّمة، تحت مسؤولية أجهزة الدولة لمَنْع اِنتشار الفيروس في ميناء « بيريه»، وفى شركة الشحن «كوسْكو»، وعلى السفن، وفي منطقة بناء وإصلاح السفن، وفي المصانع والوحدات الصناعية التي توظف آلاف العمال.»
إن هذا يعنى ربِط الطبقة العاملة بأغلال الدولة الرأسمالية وزرع الأوهام حول كرم وطيبة وكالات الدولة الصحية. إن على العمال الكفاح من أجل المراقبة النقابية لسلامة أماكن العمل. فالنقابات وليس الدولة الرأسمالية، هي التي تقرر الظروف الآمنة للعمل في ظلها.
تُمثِّل النقابات منظمات الدفاع الأولية للطبقة العاملة ويَكْمن دورها في حماية العمال في أماكن العمل وليس النضال من أجل ابقائهم في منازلهم. ولكن على العكس من ذلك ما قام به قادة نقابات المعلمين في العديد من البلدان حيث طالبوا بأن تظل المدارس مُغلقَة بقصْد «حماية» المُعلمين والأطفال. أن هذا رفض جبان للنضال من أجل مدارس آمنة. في مقابل سياسة البيروقراطيين النقابيين التي تدعو «للبقاء في البيوت والانتظار»، يجب بناء قيادة طبقية نضالية تعتمد على تعبئة قواعد النقابات والحركة العمالية بأكملها ضِدَّ الأغلاق ومن أجل مدارس أفضل وأماكن عمل أكثر أمنا.
إن هناك حاجة ملحة إلى شن حملات اِنخراط نقابي وسط العمال غير المنظمين لتقوية البروليتاريا وتوحيدها. أضافة ألي ذلك يحتاج العمال المؤقتون والمتعاقدون إلى الانضمام إلى النقابات بأجور ومزايا وفوائد نقابية كاملة. إن تنظيم الأجراء ذوي القوة الاجتماعية الضعيفة مثل موظفي قطاع البيع بالتجزئة والعاملين في الحانات والمطاعم وخدمات التوصيل على سبيل المثال، وانخراطهم في النقابات سيكفل لهم حماية الطبقة العاملة المُنظَّمة.
من أجل إعادة فتح الاقتصاد وللكفاح ضد البطالة
سائرة في خطى قادة الحركة العمالية الخَونَة خرت المنظمات التي تُدعي الاِنتماء للتروتسكية ساجدة أمام البورجوازية. فقد ساندت منظمات « لوت أوفريير» والتيار الماركسي العالمي (تي. أم، إ)، والـ « وورلد سوسياليست ويب سايت»، و «مجموعة إنترناسيوناليست»، والفصيل التروتسكي ـ الأممية الرابعة وشركاه، ساندوا جميعهم سياسات الحجْر والأغلاق، وخانوا البروليتاريا.
فعلى سبيل المثال، طالبت منظمة « تي. أم. إ» في موقع «مارْكسيسْت. أورغ» بتاريخ 20 مارس 2020 بأنه «يجِب وقْف كُلِّ أنتاج غير أساسي وإرسال العمال إلى منازلهم بأجر كامل طيلة المدة المطلوبة». إنَّ هذا المَطلب رجعي تماماً ولا يمكنه إلاَّ أنْ يؤدي إلى مزيد مِن تسريح العمال. وبرفع هذا المَطلب فإن منظمة «تي. أم. إ» تريد دفع قطاعات بأكملها من الطبقة العاملة إلى براثن البطالة والخدمات الاجتماعية.
إن الطبقة العاملة تستمِد قوَّتهَا الاِجتماعية من دورها في الإنتاج. ولهذا فعلى الحركة العمالية أنْ تُعارض تسريحَ العمال والبطالة الجزئية من خلال الكفاح من أجل وضع التوظيف والتدريب تحت أدارة النقابات، والمطالبة بأسبوع عمل أقصر دون خسارة في الأجور مما يتيح توزيع العمل لفائدة كل الأيادي. إن الأزمة الحالية تُبيِّن وبشكل صارخ ضرورة زيادة الإنتاج والخدمات ويشمل ذلك رعاية طبية أكثر وأفضل، وتوسعا مكثفا في مجال الأسكان العام، ومبانٍ فسيحة وجيدة التهوية للمدارس ودور رعاية الأطفال ووسائل نقل عمومي أفضل. إن إعادة فتح الاقتصاد وتوسيعه أمر ضروري لتلبية احتياجات العمال ومكافحة البطالة والفقر والأملاق.
من أجل رعاية صحية عالية الجودة، مجانًا، عند نقطة الخدمة
لا يمكن لنظام الإنتاج الموجه لتحقيق الربح أن يوفر رعاية صحية كافية. إن المطلوب هو مصادرة جميع المستشفيات الخاصة والدينية وشركات إنتاج الأدوية دون تعويض! ومطلوب أيضا برامج للتدريب الجماعي وتوظيف العاملين في المجال الطبي والمستشفيات تحت أدارة النقابات! ومطلوب أيضا إلغاء براءات الاِختراع بقصد إنتاج اللقاحات والأدوية بكميات كبيرة في مختلف أنحاء العالم.
في مواجهة الأنقاض المتداعية لأنظمة الرعاية الصحية، أثار الإصلاحيون من مختلف المشارب دعوات لتأميم المرافق الصحية. في هذا الصدد دعت منظمة « ليفت فُويْس»، الفرع الأمريكي للفصيل التروتسكي، بتاريخ 13 أبريل 2020، دعت ألي « تأميم جميع الصناعات المرتبطة بالصحة، ووضعها تحت سيطرة العمال». لا تنخدعوا بهذه الثرثرة اليسارية الزائفة لهؤلاء الاِجتماعيين الديمقراطيين؛ فمنظمة « ليفت فُويْس» في الواقع تدعو لتطبيق إجراءات إغلاق أكثر صرامة، مما سيُعيق، بشكل متزايد أي نوع من العمل الجماهيري للبروليتاريا ويجعل النضال من أجل رعاية صحية أفضل أمرا مستحيلا.
تقترح منظمة « ليفت فويس» النموذج التالي للسيطرة العمالية: « يُبيِّن العمال في الأرجنتين كيف يمكن تطبيق ذلك. ففي كل أنحاء البلاد، بدأت المصانع الخاضعة لسيطرة العمال في الإنتاج دون مراقبة أرباب العمل، بهدف تلبية الاحتياج بدلاً عن الجشع.» ما تتحدث عنه « ليفْت فُويْس » هو الاستيلاء على بعض المصانع الهامشية وتلك التي أعلنت حالة الإفلاس في الأرجنتين الرأسمالية. أن ذلك ليس نموذجا لما هو مطلوب. إنَّ منظور « ليفْت فُويْس » يتمثل في تسييرٌ العمال لنظم الرعاية الصحية المؤممة في إطار النظام الرأسمالي، أي التعاون الطبقي المؤسسي. أنَّ تحريرَ الرعاية الصحية من براثن الجشعين الرأسماليين لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تحطيم الدولة البورجوازية واستبدالها بديكتاتورية البروليتاريا، وتجريد الطبقة الرأسمالية من أملاكها.
على الطبقة العاملة الدفاع عن كل المُضطَهَدين
تتعرَّض الشَّرائح الدُنيا من الطبقة المتوسطة للتدمير. إن الدعم الإجرامي لقادة العمال وكل اليسار الإصلاحي لعمليات الإغلاق قد أفسح المجال لليمين المتطرف، وسمح للرجعيين المشؤومين والفاشيين الصريحين بالظهور كمدافعين عن الحقوق الديمقراطية وكمناصرين للبرجوازية الصغيرة المدمرة. وفي هذا الصدد يتعيَّن على الحزب الثوري أن يعبئ الطبقة العاملة للدفاع عن كل المُضطَهَدين وحشدهم إلى جانب العمال في النضال ضد البورجوازية.
يعاني الملايين من الفلاحين الفقراء في آسيا، وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، من الاستنزاف بواسطة الملاك العقاريين والبنوك بينما يعاني الباعة المتجولون من الجوع بسبب عمليات الإغلاق. وفي كل المناطق يعاني أصحاب المحلات الصغيرة والحانات والمطاعم وكذا الطلاب من الاِختناق من جراء الديون. أننا نطاب بإلغاءَ كل ديونهم.
لقد أُجبر الإغلاق ملايين العاملين ذوي الياقات البيضاء على العمل من منازلهم. إن العمل «عن بعد» وعبر الاَنترنيت يؤدي ألي تسريح العمال وألى العمل الإضافي غير المدفوع الأجر. وبالإضافة الى عزل وتفتيت القوة العاملة، يجعل العمل «من بعد» الهجمات المناهضة للنقابات أكثر سهولة في الوقت الذي أصبح فيه التنظيم والنشاط النقابي أمرا شبه مستحيل. إن نجاح أي أضراب في تحقيق مطالب ما لا يتم عن بعد عبر منصة « زومْ» وخطوط الإنترنيت ولكن على خطوط الإضراب أمام أماكن العمل. يجب على كل نقابة جديرة باسمها أن تعارض مخططات العمل «عن بُعد».
يشكل المهاجرون عنصرا رئيسيا وسط الطبقة العاملة ويتم توظيفهم بأجور زهيدة، وبشكل غير متناسب في قطاعات الخدمات التي كانت أكثر القطاعات تأثرا من جراء الوباء. لتوحيد صفوفها، على الطبقة العاملة أن تناضل من أجل حقوق المواطنة الكاملة لجميع المهاجرين!
من أجل إضفاء الطابع الاجتماعي على وظائف الأسرة
تحاول البرجوازية بكل قوتها إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء. لقد أدت عمليات الإغلاق إلى إلقاء مسؤولية رعاية الأطفال والتعليم ورعاية المسنين بالكامل على عاتق الأسرة، وبشكل أساسي على أكتاف النساء. وهكذا تُجبَر النساء على العودة إلى البقاء في البيوت، حيث يفقدن وظائفهن بأعداد أكثر من الرجال، ويقعن ضحايا للارتفاع الحاد في حالات العنف المنزلي. وبينما يتم سجن الأطفال والمراهقين مع أوليائهم، يُترك كبار السن ليموتوا مُنعزلين في دور التقاعد ذات الرعاية السيئة.
وإذا أظهرت عمليات الإغلاق شيئًا واحدًا، فإنها تُبيِّن أن البرنامج النسوي لإعادة توزيع المهام المنزلية داخل الأسرة هو طريق مسدود. ما هو مطلوب في هذا الصدد هو إخراج الأعباء المنزلية من داخل إطار الأسرة وذلك من خلال توفير دور رعاية مجانية للأطفال، تعمل على مدار24 ساعة، ومطابخ ومطاعم ومغاسل جماعية، ومراكز تقاعد ذات خدمة ممتازة.
لقد عززت عمليات الإغلاق المؤسسات الأساسية التي يرتكز عليها النظام الرأسمالي والتي تتمثل في الدولة والكنيسة والأسرة. إنَّ تحرُّر النساء لا يُمكِن إنجازه إلاَّ في إطار تحوُّل اِشتراكي عالمي، حيث تصبح رعاية الأطفال والأعباء المنزلية مسؤولية جماعية بدلا عن الأسرة. من أجل تحرر النساء بواسطة الثورة الاشتراكية.
تسقُط الاِمبريالية
إن النظام الإمبريالي العالمي، حيث تتنافس قوى عظمى قليلة العدد على تقسيم العالم، مستغلة بلايين البشر، هو مصدر الأزمة العالمية الحالية. إن الوباء الحالي يستدعي وبشكل ملح استجابة دولية منسقة. لكن في نظام قائم على النزاعات بين القوى الإمبريالية والدول القومية المتنافسة، فإنه من المستحيل تحقيق ذلك. لقد سحقت الإمبريالية وأوقفت التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للعالم لخدمة مصالح بورصات وول ستريت وطوكيو ولندن وفرانكفورت وباريس. ويستخدم الاِمبرياليون هذه الأزمة لِتشديد القبضة الخانقة لرأس المال المالي الدولي على البلدان التابعة. يجب إلغاء الديون التي فرضها الاِمبرياليون. ِتسقُط منظمة الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي، ومعاهدة « نافتا 2.0» والاِتحاد الأوروبي.
دافعوا عن الصين! يضاعف الإمبرياليون من جهودهم لقلب مكاسب ثورة 1949 وفتح الدولة العمالية الصينية المشوهة للنهب الإمبريالي، عن طريق الثورة المضادة الرأسمالية. أن المطلوب هو ثورة سياسية عمالية تحل محل البيروقراطية الستالينية.
مِن أجل ثورات أكتوبر جديدة
تمتلئ الصحافة البرجوازية بجدل لا ينتهي حول أي بلد تمكن من تحقيق توازن أفضل بين الموت الجماعي والقمع الجماعي. هل هي كوريا الجنوبية أم السويد أم أستراليا؟ نحن الماركسيون لدينا نموذج مختلف تمامًا يتمثل في الثورة البلشفية عام 1917. من خلال كسر قيود الاستغلال الرأسمالي، حققت الطبقة العاملة تحت قيادة البلاشفة، على رأسهم لينين وتر وتسكي، خطوة عملاقة نحو التقدم البشري. لقد كان نظام الصحة العامة في الدولة العمالية السوفيتية أحد أعظم الإنجازات، على الرغم من تأسيسه في أتون بوتقة الحرب الأهلية والغزو الإمبريالي في إقليم دمرته الحرب العالمية بشكل شامل. في عام 1919 كتب نيكولاي سيماشكو، الرجل الذي قاد تأسيس ذلك النظام:
«لترحيل فقراء المدن من أقبية متعفنة إلى غرف فسيحة في منازل مبنية بشكل جيد، وللمقاومة الحقيقية للأمراض الاجتماعية، ولخلق ظروف عمل عادية للعامل -إن كل هذا بعيد المنال إذا اعتبرنا الملكية الخاصة شيئًا مقدسًا لا تنتهك حرمته. لقد تردد النظام الصحي القديم أمام ذلك كما هو الأمر أمام حاجز لا يُمكِن تخطيه. ولكنَّ السلطة السوفيتية أي السلطة الشيوعية، حطمت هذا الحاجز.»
مقتبس من: « مَهام الصِّحة العامة في روسيا السوفييتية» المنشور في «رؤى بلشفية: المرحلة الأولى من الثورة الثقافية في روسيا السوفيتية،» نصوص جمعها وليم ج. روزنبيرغ، (مطبعة جامعة ميشيغان، آن آربور، 1990)
اللجنة التنفيذية الدولية للرابطة الشيوعية الدولية (الأممية الرابعة)
19 أبريل 2021